فصل: الخبر عن مهلك السلطان محمد بن أبي عبد الرحمن وبيعة عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن نهوض الوزير عمر وسلطانه إلى مراكش:

لما فرغ عمر من شأن مسعود وعبد الرحمن بن أبي يفلوسن صرف نظره إلى ناحية مراكش وانتزى عامر بن محمد بها وأجمع أمره على الحركة إليه فأفاض العطاء ونادى بالسفر إلى حرب عامر وأزاح العلل وارتحل إليه لرجب من سنة سبع وستين وسبعمائة وصعد عامر وسلطانه أبو الفضل إلى الجبل فاعتصم به وأطلق عبد المؤمن من معتقله ونصب له الآلة وأجلسه عل سرير حذاء سرير أبي الفضل يوهم أنه قد بايع له وأنه أحكم أمره يحأجيء بذلك لبنى مرين لما يعلم من صاغيتهم إليه وخشي مغبة ذلك فألان له القول ولاطفه في الخطاب وسعى بينهما في الصلح حسون بن علي الصبيحي فعقد له عمر من ذلك ما أرضاه وانقلب إلى فاس ورجع عامر عبد المؤمن إلى معتقله وأمر الأحوال على ما كانت من قبل إلى أن بلغهم قتل الوزير لسلطانه كما نذكره إن شاء الله تعالى.

.الخبر عن مهلك السلطان محمد بن أبي عبد الرحمن وبيعة عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن:

كان شأن هذا الوزير عمر في الاستبداد كل سلطانه هذا عجبا حق بلغ مبلغ الحجر من الصبيان وكان جعل عليه العيون والرقباء حتى من حرمه وأهل قصره وكان السلطان كثيرا ما يتنفس الصعداء مع ندمائه ومن يختصه بذلك من حرمه إلى أن حدث نفسه باغتيال الوزير وأمر بذلك طائفة من العبيد كانوا يختصون به فنمى القول وأرسل به إلى الوزير بعض الحرم كانت عينا له عليه فخشي على نفسه وكان من الاستبداد والدولة أن الحجاب مرفوع له عن خلوات السلطان وحرمه ومكاشفة رتبه فخلص إليه في حشمه وهو معامر لندمائه فطردهم عنه وتناوله غطا حتى فاض وألقوه في بئر في روض الغزلان واستدعى الخاصة فأراهم مكانه وأنه سقط عن دابته وهو ثمل في تلك البئر وذلك في المحرم فاتح ثمان وستين وسبعمائة لست سنين من خلافته واستدعى من حينئذ عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن وكان في بعض الدور من القصبة بفاس تحت الرقباء والحراسة من الوزير لما كان السلطان محمد يروم الفتك به غيرة منه على الملك لمكان ترشيحه فحضر بالقصر وجلس على سرير الملك وفتحت الأبواب لبنى مرين والخاصة والعامة فازدحموا على تقبيل يده معطين الصفقة بطاعته وكمل أمره وبادر الوزير من حينه إلى تجهيز العساكر إلى مراكش ونادى بالعطاء وفتح الديوان وكمل الأعراض وارتحل بسلطانه من فاس في شهر شعبان وأغذ السير إلى مراكش ونازل عامر بن محمد بمعقله من جبل هنتاتة ومعه الأمير أبو الفضل ابن السلطان أبي سالم وعبد المؤمن ابن السلطان أبي علي أطلقه من الاعتقال أيضا وأجلسه موازى ابن عمه واتخذ له الآلة يموه به في شأنه الأول ثم سعى بينه وبين عمر في الصلح فانعقد بينما وانكفأ راجعا بسلطانه إلى فاس في شهر شوال فكان حتفه إثر ذلك كما نذكره إن شاء الله تعالى والله أعلم.

.الخبر عن مقتل الوزير عمر بن عبد الله واستبداد السلطان عبد العزيز بأمره:

كان عمر قد عظم استبداده على السلطان عبد العزيز فحجره ومنعه من التصرف في شيء من أمره ومنع الناس من النهوض له في شيء من أمورهم وكانت أمه حذرة عليه إشفاقا وحبا وكان عمر لما ملك أمره واستبد عليه سما إلى الإصهار إليهم في بنت السلطان أبي عنان واشترط لها زعموا تولية أخيها الأمير ونمي ذلك إلى السلطان وأن عمر مغتاله لا محالة وقارن ذلك أن عمر أوعز إلى السلطان بالتحول عن قصره إلى القصبة فركب أسنة الغدر لاضطراره واعتزم على الفتك به وأكمن بزوايا داره جماعة من الرجال وأعدهم بالتوثب به ثم استدعاه إلى بيته للمؤامرة معه على سنته فدخل معه وأغلق الموالي من الخصيان باب القصر من ورائه ثم أغلظ له السلطان بالقول وعتبه ودلف الرجال إليه من زوايا الدار فتناولوه بالسيوف هبرا وصرخ ببطانته بحيث أسمعهم فحملوا على الباب وكسروا أغلاقه فألفوه مضرجا بدمائه فولوا الأدبار وانفضوا من القصر وانذعروا وخرج السلطان إلى مجلسه فاقتعد أريكته واستدعى خاصته وعقد لعمر بن مسعود بن منديل بن حمامة من بني مرين وشعيب بن ميمون بن وردان من الجشم ويحيى بن ميمون بن المصمود من الموالي وكملت بيعته منتصف ذي القعدة سنة ثمان وستين وسبعمائة وتقتض على علي بن الوزير عمر وأخيه وعمه وحاشيتهم وسر بهم واعتقلهم حتى أتى القتل عليهم لليال واستأصل المكان شأفتهم وسكن وأمن ورد النافرين بأمانه وبسط بشره ثم تقبض لأيام على سليمان بن داود ومحمد السبيع وكانا في مخالصة عمر بمكان فاعتقلهما استرابة بهما ولشيء نمى له عنهما وأودعهما السجن إلى أن هلكا واعتقل معهما علال بن محمد والشريف أبا القاسم ريبة بصحابتهما ثم امتن عليهما بشفاعة ابن الخطيب وزير ابن الأحمر وأقصاه ثم أطلق عنانه في الاستبداد وقبض أيدي الخاصة والبطانة عن التصرف في شيء من سلطانه إلا بإذنه وعن أمره وهلك لأشهر من استبداد الوزير شعيب بن ميمون ثم هلك يحيى بن ميمون على ما نذكره إن شاء الله تعالى.